بعد رحيل البابا شنودة الثالث ..
مخاوف الأقباط تتزايد حول خليفة بطريرك الكنيسة .. والآباء بيشوى ويؤانس وارميا أبرز المرشحين
دموع وصرخات وبكاء مرير حل على الأقباط فى ليلة وصفت " بالسواد بعد رحيل أعظم بطاركة الكنيسة قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن عمر يناهز 89 عاما " ، ليترك وراءه فراغا كبيرا جعل الأقباط يشعرون بالخوف فى ظل المرحلة الصعبة التى تمر بها البلاد، ووجود العديد من الخلافات والمشكلات داخل الكنيسة، والتى كان البابا شنودة قادرا على احتوائها، وكان الجميع يضع له كل الحساب والهيبة، فهو الرجل العطوف والحكيم والسياسى والروحانى والشاعر وخفة روحه جعل الأقباط يتساءلون.. من يمكن أن ياتى فى مثل هذا الرجل الذى لا يختلف عليه اثنان فى جميع أنحاء العالم ؟.
سؤال طرحته وسائل الإعلام كثيرا عندما بدأت صحة البابا فى التدهور، ولكن كان يصعب المقارنة بين البابا وبين أى شخص آخر يوجد على الساحة، ولكن تدور التكهنات عن ترشيحات لعدد من الأساقفة ذات الصفة العامة أى " أسقف عام " وليس أسقف إبراشية الذى لا يجوز له الترشيح.
جاءت المخاوف القبطية لتصبح شبحا يطارد أفكارهم حول بعد رحيل هذا الرجل الذى تحمل وعانى الكثير من الآلام وواجه الكثير من المشكلات منذ توليه كرسى البابوية الأول 1971 بطريركاً خلفاً لسلفه البابا كيرلس السادس (1959-1971) الذى كان من أهم البطاركة، ويعتبره الأقباط المصريون قديساً. وكان حكيما فى احتواء العدد من القضايا رغم ما مر به من أزمة مع الرئيس السادات، وإعلان عزلته وتحديد إقامته، ثم عودته مرة أخرى فى 1984 ليبنى فى خدمته.
وكان أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج جمهورية مصر العربية. على صعيد وطنى، اشتهر البابا شنودة بمنع الأقباط المصريين -بعد معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر-من القيام بالحج إلى القدس والديار المقدسة قبل تحرير القدس من المحتل الإسرائيلى.
وعندما أصدر السادات فى 1981 قراره بالتحفظ على 1531 من الشخصيات المعارضة لم يعتقل البابا شنودة، لكنه أمر بأن يبقى البابا شنودة فى إقامة جبرية فى الدير بوادى النطرون. وعندما تقلد الرئيس مبارك الحكم أفرج عن البابا شنودة.. وبالعودة إلى خلافة البابا شنودة، النقاش يدور حول اعتماد أو تغيير طريقة انتخاب بطريرك لكنيسة الإسكندرية للأقباط الأرثوذوكس، وتسمى هذه الطريقة "اللائحة".
واعتمد سينودس الأقباط الأرثوذوكس هذه الطريقة عام 1957 وطبقت منذ انتخاب سلف البابا شنودة الثالث، أى البابا كيرلس السادس الذى انتخب عام 1959. حسب "اللائحة" يُنتخب بطريرك الأقباط من قبل المجمع المقدس الذى يبلغ عدد أعضائه 74 أسقفاً آنذاك.
وتنص اللائحة على أن المرشح لمنصب البابا يجب أن يكون راهباً، وألا يقل عمره عن 40 عاماً، ويكون قد أمضى 15 عاماً فى الرهبنة، ولا يقل عدد المرشحين عن 5 ولا يزيد عن 7. وتشارك فى انتخابهم مع المجمع فئة مختارة من الأقباط، من الأعيان وكبار الموظفين ورجال الدين.
ويبقى فى المرحلة الأخيرة للانتخاب ثلاثة أسماء وهم الذين حصلوا على أكثر الأصوات. أما المرحلة الأخيرة فتقوم بوضع الأسماء الثلاثة داخل صندوق فى غرفة مظلمة، ويقوم طفل صغير باختيار أحد الأسماء حتى لو كان الأقل فى عدد الأصوات، وهذا ما حدث مع البابا شنودة حيث تم سحب اسمه بينما كان ترتيبه الثالث بعدد الأصوات التى نالها.
وهناك اعتراضات عديدة على هذه الطريقة فى انتخاب بطريرك الأقباط. ولكن البابا شنودة لم يرد إجراء أى تعديل فى اللائحة حتى لا يُقال إنه أجرى تعديلاً على مقاس من يريده لخلافته.
ويدخل حتى الآن فى صورة المرشحين أو ربما يطرحون للترشيح الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس وهو المنصب الذى يشغله منذ عام 1985 وهو المسئول عن تقييم أداء ومتابعة ومحاسبة الكهنة بحكم موقعه فى الكنيسة كرئيس للمجلس الإكليريكى.
بدأ بيشوى حياة الرهبنة فى دير مريم السريان ثم ارتقى ليصبح كاهنا ثم أسقفا بدمياط ثم مطرانا .. ويعد الأنبا بيشوى واحدا من أقرب المقربين للبابا شنودة ورغم قلة ظهوره فى الإعلام إلا أنه وقف طيلة الفترة الماضية.
جدير بالذكر أن الأنبا بيشوى له عدة كتب ومؤلفات خاصة تتعلق باللاهوت والمسيحية ويحظى بمكانة وتقدير عال فى الطوائف المسيحية .. الأنبا بيشوى من مواليد عام 1942 ودرس أصلا بكلية الهندسة وتخرج منها بامتياز. ويعد أكبر المرشحين سنا لخلافة البابا.
أما المرشحون الآخرون هما سكرتارية البابا شنودة متمثل فى الأنبا يوأنس والأنبا أرميا والأنبا يؤنس طبيب الجسد والروح المعروف بالابتسامة الرقيقة والهدوء وقلة الكلام، والمعروف أيضا بالحكمة النابعة من دراسته للطب، قال البابا شنودة إن الأنبا يوأنس فى العين والقلب حظى باحترام هائل فى الأوساط القبطية بالنظر لشخصيته الهادئة، وهو الأسقف العام وسكرتير قداسة البابا، ذاع صيته فى المقر البابوى لأدائه الرائع للترانيم القبطية وهو فى الأصل من مواليد محافظة المنيا عام 1960.
ويدخل الأنبا موسى أسقف الشباب والرجل الذى يحظى باتفاق عام بين مختلف الأقباط نظرا لثقافته العالية وحكمته الموسوعية وروحه القريبة للجميع .. معروف بأنه تلميذ البابا وخليفته النجيب لما يحمله عقله من حكمة وهدوء وصفاء .. كان له دور كبير فى ربط الكنيسة بقطاعات الشباب وساهم أيضا فى الربط بين الشباب المسيحيى والشباب المسلم فى لقاءات ثقافية وأدبية وشعرية.. وينشر الأنبا موسى مقالاته وأفكاره فى عدة صحف منها الأهرام ووطنى، كما أصدر العديد من الكتب الدينية أو الروحية حسب الوصف الكنسى ولكن ربما يقف عامل تقدم العمر إشكالية كبيرة أمام ترشحه.
أما الأنبا أرميا .. الأسقف العام وسكرتير قداسة البابا شنودة الثالث المعروف بمستشار الكاتدرائية فى مجال التكنولوجيا والعلوم الحديثة والرجل المسئول عن المركز الثقافى القبطى، ليست له كتب روحية أو دينية، وإنما غالبية كتاباته تنحصر فى مجال العلوم .. معروف بصلته المقربة من البابا وهو من مواليد 15 نوفمبر، 1959
ومازال الأمر مفتوحا أمام بعض الأساقفة مثل الأنبا يوحنا سكرتير البابا والأنبا مرقس الأسقف العام لشبرا الخيمة، وربما يكون الباب مفتوحا وهناك أيضا رؤساء الأديرة الأنبا يسطس بالبحر الأحمر وينتظر أن يكون مرشحون من الرهبان بالأديرة.