الفرق بين المني والمذي والودي
خروج المذي في مواقف الإثارة والعاطفة
----- السؤال ------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني أعاني دائماً من خروج المني في مواقف كثيرة،
فبالإضافة إلى مواقف الإثارة،
وقد وجدت لها الحل عندما ابتعدت عن كل موقف إثارة، إلا أنني لم أجد الحل عندما أحس بعاطفة لشيء معين،
كحمل طفل صغير، حيث أحس بعاطفة الأبوة أو عندما تحضنني أمي أو عندما ألعب لعبة على الكمبيوتر،
ويكون فيها حماسٌ شديد، ومؤخراُ عقدت قراني على فتاة إلا أننا لم ندخل بعد نظراً للظروف،
ويجري بيني وبينها بعض المداعبات؛ مما يزيد من كمية المذي بشكل كبير،
حتى أنني عندما أفكر فيها أو أحضنها دون شهوة يحصل لي نفس الشيء.
سؤالي: هل هذا المذي طبيعي وخصوصاً في المواقف المذكورة آنفاً؟
---- الاجابة ----
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن سؤالك الكريم يحتوي على أمرين اثنين:
فالأول يتعلق بخروج هذا السائل الذي تجده عند الإثارة.
والثاني: يتعلق بشعورك بهذه العواطف وهذه الأحاسيس التي تجدها عند المواقف المؤثرة، كأن تضمك أمك مثلاً أو عندما تحمل طفلاً صغيراً فتشعر بعاطفة الأبوة ونحو ذلك.
فأما الأمر الأول فإنه قد وقع في كلامك تارة التعبير بخروج المني، وتارة بالمذي، فلابد من حصول الفرق بينهما ليتضح الجواب، فأما المني فهو: السائل الذي يخرج من الرجل أو المرأة عند اللذة الكبرى، أي عند حصول النشوة من الجماع، وعلامة ذلك أن الإنسان عندما يثار جنسيّاً أو يحصل الجماع بينه وبين زوجته تظل هذه الإثارة فيه ظاهرة وقوية حتى يخرج المني، وهو الماء الدافق الذي يتدفق، أي الذي يخرج بشيء من القوة وكذلك شيء من الكثرة، بعد ذلك يشعر الإنسان بلذة الجماع الكبرى، وهو المعروف بـ (النشوة)، ثم بعد ذلك يحصل له اكتفاء من الناحية الجنسية ويشعر بخفوت شهوته، ويشعر أيضاً بارتخاء في بدنه كأمر طبيعي يحصل نتيجة خروج المني بهذه الصورة، فهذا هو المني الذي يكون منه الولد ويجب منه الاغتسال من الجنابة. وصفة المني أنه سائل خاثر غليظ له رائحة كرائحة طلع النخل أو كرائحة الصابون المعطر في بعض أنواعه.
وأما المذي فهو سائل رقيق شفاف لا لون له يخرج عند الإثارة الجنسية، فمثلاً عندما تنظر لمنظر يثيرك فإن هذا السائل عادة يخرج من الرجل والمرأة سواء بسواء، وكذلك عند إثارة النفس بالتفكير في الأمور الجنسية، وكذلك عند مداعبة الزوج زوجته أو الزوجة زوجها بمقدمات الجماع، فيخرج هذا السائل الذي هو المذي، وقد بيَّنا لك صفته. وحكمه أنه نجس وأنه يجب منه الوضوء وسيأتيك الإشارة إلى بعض الأحكام أيضاً - بإذن الله عز وجل - .
وهنالك سائل آخر اسمه (الودي)، وهو غليظ خاثر يخرج عقب البول وأحياناً نادرة قبله وأحياناً معه، وهو أيضاً نجس ويجب منه ما يجب من البول سواء بسواء.
فقد عرفت السوائل الثلاثة المعتادة التي تخرج من الإنسان، ففي هذه الحالة يحصل لك الفرق بينها ويحصل لك العلم بأحوالها، فالذي لديك هو حالة طبيعية ولله الحمد، فالظاهر من حالك أن الذي يخرج هو المذي وهو الذي يخرج عند الإثارة والرغبة سواء كان ذلك بالتفكير أو برؤية منظر مثير أو بمداعبة زوجتك التي عقدت عليها، فكل ذلك من دواعي حصول المذي، وهذا السائل الذي يخرج له مصلحة عظيمة، فإنه يهيؤ الذكر للإيلاج في الفرج، وكذلك المرأة إذا أثيرت فإنه يخرج منها هذا السائل ويرطب المحل فيصبح كلا المحلين جاهزين لعملية المعاشرة الزوجية.
فهذه حكمة عظيمة وفائدة جليلة يؤدي إليها خروج المذي، فلا ينبغي أن تقلق منه، فإن خروجه لديك هو أمر طبيعي للغاية، بل إن عدم الطبيعي هو ألا يخرج منك، وعدم المعتاد هو ألا يخرج عند الإثارة، فاطمئن على نفسك ولا تقلق من هذه الناحية، وهذا الأمر يختلف من رجل إلى آخر ومن امرأة إلى أخرى، فتارة يكون كثيراً وتارة يكون قليلاً بحسب الاستعداد البدني والنفسي للإنسان، وها هو عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – يخبر عن نفسه أنه كان رجلاً (مذَّءاً) أي كثير المذي، وكان يغتسل منه لأنه يظن أنه يجب عليه الغسل كالمني، فبعث بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله فقال: فيه الوضوء.
والحديث متفق على صحته.
أي يجب منه الوضوء فقط، ولا يجب منه الاغتسال. وكذلك يقول سهل بن حنيف – رضي الله عنه – : كنت ألقى من المذي شدة – أي كثرة – وكنت أكثر منه الاغتسال – لظنه أن ذلك واجباً عليه – فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما يجزيك من ذلك الوضوء). فقد عرفت إذن أنه يكفي فيه الوضوء ولا يجب فيه الاغتسال من الجنابة لأنه ليس المني الذي يوجب الغسل.
فإن قلت: فكيف ما يصيب ثوبي منه من الملابس الداخلية أو الخارجية لأنه ينزل عليَّ لاسيما عندما أكون مع زوجتي التي عقدت عليها؟ فالجواب: إنه يكفيك أن تأخذ برؤوس أصابعك شيئاً من الماء، وأن ترش على ثيابك عند دخولك الحمام للوضوء فتكون قد تطهرت من ذلك، وأما طريقة التطهر في الذكر بأن تغسل العضو كاملاً من رأسه إلى أصله فهذا هو الواجب، ولو غسلت الأنثيين (الخصيتين) فحسن فقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على هذا أن سهل بن حنيف - في الحديث السابق – قد سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ فقال: (يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها على ثوبك حيث ترى أنه أصابه) والحديث خرجه أبو داود في السنن.
فلتطمئن إذن فإن الأمر لديك أمر طبيعي ولا ينبغي أن يؤثر على نفسك في تعاملك مع زوجتك ولا أن تقلق منه، ولله الحمد فأنت سليم وطبيعي وهذا هو المعتاد في الرجال والنساء سواء بسواء في هذه الحالة.
وأما عن شعورك الذي أشرت إليه من أنك تجد عاطفة عندما تحمل طفلاً صغيراً فتشعر بعاطفة الأبوة، وعندما تضمك أمك تشعر بالحنان والدفئ والعاطفة الجياشة في نفسك، فهذا يا أخي يقال فيه ما قيل في الجواب الأول، لو لم يكن هذا الشعور لديك لما كان شعورك طبيعيّاً، فهل من إنسان سوي الفطرة سليم العاطفة لا يشعر بمثل هذه المشاعر الكريمة عندما يتعرض لها؟! فإنك تشعر بحمدِ الله بعاطفة الأبوة الدالة على الحنان والدالة على سلامة الفطرة وتشعر بهذه العاطفة الكريمة عندما تضمك أمك بهذه اللحظات الدافئة التي تعبر عن المشاعر الإنسانية الكريمة، وكذلك عند لقائك زوجتك التي قد عقدت عليها فتشعر بحب وحنان ورغبة في أن تضمها أو تضمك وأن تحنو عليك وأن تمسح على رأسك، وأن تشعر بأنك كالطفل الصغير بين يديها حبّاً وحناناً، فهذا أمر طبيعي فلا تقلق منه ولا تواجه عاطفتك بما يناقضها، بل هذه عاطفة كريمة قد جُبلت الفطرة على تحصيلها وعلى الافتقار إليها، فاطمئن على نفسك ولا تعارض فطرتك، ولا تكتم عواطفك بل عبر عن عواطفك باعتدال واتزان في الموقف المناسب، وثق أنك - بحمد الله عز وجل – صاحب مشاعر إنسانية كريمة لطيفة ليس عليك فيها من ضرر بإذن الله.
وقد وقع في كلامك الإشارة إلى أنك تتعرض لهذه المواقف فيخرج شيء من المذي، فإن كنت تقصد أنك عندما تضمك أمك يحصل لك إنزال للمذي أو عندما تحضن طفلاً صغيراً فتشعر بذلك بخروج المذي، فهذا أمر ينبغي أن تنتبه له؛ لأن هذا يدل على شيء من الشهوة الجنسية، فينبغي أن تتجنب هذه التصرفات قدر استطاعتك؛ لأنه لا يخرج المذي عادة إلا إذا كان هنالك استثارة جنسية، فإذا وجدت من نفسك أنك تحمل طفلاً لاسيما وسيماً ويحصل لك نزول للمذي وتكون متأكداً أنه نزل منك، فينبغي أن تتجنب ذلك قدر استطاعتك وأن تبتعد عنه وأن تتشاغل عنه بذكر الله عز وجل وبالاستعاذة من الشيطان الرجيم، وكذلك لو قدر أن أمك تضمك بحنان وعطف ثم تشعر بنزول المذي وتجد ذلك بالفعل فهذا يدل على شيء من الإثارة التي تؤدي إلى نزول المذي، فينبغي أن تتجنب هذا قدر الاستطاعة، وأن تحترز منه طلباً للسلامة وبُعداً عن مواطن الشبهة، فهذا من العلاج الشرعي المستقيم في مثل حالك، وهذا خير ما تقوم به، والحمد لله الذي وفقك بالزواج وبالعقد على هذه الفتاة التي نسأل اللهَ سبحانه وتعالى أن يجعلكم زوجين صالحين وأن يشرح صدوركم وأن ييسر أموركم ونقول لكما باسم الشبكة الإسلامية: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بخير.
وبالله التوفيق.
------------
منقول