أثار قرار إحالة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال بالإضافة
إلى رجل الأعمال الهارب حسين سالم بتهم تتراوح ما بين الفساد وإهدار
الأموال وقتل المتظاهرين إلى محكمة الجنايات، ردود فعل مرحبة في الشارع المصري.
وألقى القرار بظلاله على المشهد المنتظر والذى يتوقّعه البعض الأكثر سخونة
في مرحلة ما بعد الثورة، وهو مشهد ميدان التحرير في الجمعة القادمة 27
مايو/أيار الجاري حيث دعا البعض بأن تكون جمعة الغضب الثانية والتي
يريدونها مليونية لتعبّر عن رفض الشعب لأداء المجلس العسكري والمطالبة
بتكوين مجلس رئاسي يضم مدنيين و 2 فقط من المجلس العسكري،
بالإضافة إلى وضع دستور جديد للبلاد.
وقال الدكتور وحيد عبد المجيد المحلل السياسي والخبير في مركز الأهرام
للدراسات السياسية لـ"العربية" إن موضوع الدستور هو موضوع قديم يحاول البعض
دفعه إلى الساحة لتعويض غياب وجودهم في الشارع، مؤكدا أن قرار الإحالة قد
ينجح في تخفيف حدة الشارع المصري الذي انسحب منه رجل الشارع العادي، و
تداخلت فيه المجموعات السياسية التي تحاول أن تفرض رؤاها مع كل موقف يتجدد.
وأكد محمد القصاص أحد رموز ائتلاف شباب الثورة أن الائتلاف قرر تغيير اسم
الجمعة القادمة إلى جمعة الفساد السياسي بدلاً من جمعة الغضب، موضحا أن
شباب الائتلاف يريدون محاكمات عن قضايا فساد سياسي، و ليس قضايا جنائية
يسهل التحايل على بعض ثغراتها.
وقال القصاص إن إحالة مبارك و نجليه في هذا التوقيت بالتحديد
يهدف الى تخفيف حدة الشارع المصري خشية تبعات الجمعة المقبلة.
وسط حالة من التشتت سادت الشارع المصري عقب دعوة بعض القوى السياسية لجمعة غضب ثانية
يوم الجمعة القادم الموافق 27 من شهر مايو الجاري تحت مسمى "الثورة الثانية
"تضاربت كل التصريحات ما بين مؤيد ومعارض ومعلق للقرار دون اتخاذ أي
إجراءات من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى الآن، الذي تع
ارض هذه المظاهرة خارطة الطريق التي وضعها لطريقة نقل الحكم وصوت لها الأغلبية في مارس/آذار الماضي
ففي الوقت الذي أعلنت فيه الحركات الشبابية والحزبية ومنها اتحاد شباب
الثورة وائتلاف شباب الثورة و6 ابريل قرارها النهائي بالمشاركة في هذه
المظاهرة، علقت جماعة الإخوان المسلمين قرارها لحين عقد اجتماع على مستوى
قيادات مكتب الإرشاد "الأربعاء" لتحديد موقفها وإعلانه في بيان رسمي رغم
صدور بعض التصريحات من قياداتها أمس بشأن اعتراضهم على مسمى "الثورة
الثانية"، ورفضهم المشاركة تحت هذا الشعار، في حين اعتبرت الجماعة السلفية
الدعوة لهذه المظاهرة خروجا على شرعية الحاكم.
مبارك ونجلاه إلى الجنايات في الوقت نفسه، وافق النائب العام المصري على إحالة الرئيس السابق حسني مبارك
ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، للمحاكمة أمام محكمة الجنايات،
اليوم الثلاثاء 24-5-2011 في التهم المنسوبة إليهم ،حسب ما أفادت مصادر
قضائية مصرية.
وأسندت النيابة العامة للرئيس السابق تهمة الاشتراك مع وزير الداخلية
الأسبق حبيب العادلي في ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن
بجرائم القتل والشروع في قتل المتظاهرين أثناء المظاهرات السلمية التي بدأت
في 25 من يناير/كانون الثاني الماضي احتجاجا على تردي الأوضاع السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد.كما وجّهت لمبارك بصفته رئيساً
للجمهورية تهمة استغلال النفوذ السلطوي والاستحواذ على منافع وأصول بأثمان
صورية له ولنجليه.
واشتراكه مع وزير البترول السابق سامح فهمي وبعض قيادات وزارة البترول
والمتهم حسين سالم في ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم من التربح بغير حق وذلك
بإسناد شراء الغاز الطبيعي للشركة التي يمثلها وتصديره لإسرائيل بأسعار متدنية.
كما أوضح المتحدث الرسمي للنيابة العامة أن الاتهامات المنسوبة لعلاء وجمال
مبارك في هذه القضية تمثل فقط الجرائم المرتبطة بالجرائم المنسوبة
لوالدهما، وتؤكد النيابة أن هناك وقائع أخرى منسوبة لعلاء وجمال مبارك
ارتكباها منفردين والخاصة بالتلاعب في صناديق الاستثمار وسداد ديون مصر
وخصخصة شركات قطاع الأعمال العام.
يذكر أن جمعة الغضب الأولى كانت يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي والتي سقط فيها العديد
من القتلى ونزل فيها الجيش إلى الشارع لأول مرة وانسحبت قوات الشرطة،
وحدثت فوضى أمنية وأعمال سلب ونهب وهروب المساجين.
وانتشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لثورة ثانية أشهرها صفحتا
"محستش بالتغيير ونازل تاني ميدان التحرير" و"ثورة الغضب المصرية الثانية
27 مايو" في حين دعت مجموعات أخرى إلى عدم الخروج حفاظا على الاستقرار.
كما انتشرت الدعاوى من خلال الرسائل القصيرة "sms" ورسائل البريد الإلكتروني "الإيميل" بشكل عشوائي بحسب ما أكده منظمو المظاهرة.
وقال أحمد السكري المنسق العام لاتحاد شباب الثورة والذي يضم أحزاب الوفد
والتجمع والناصري والجبهة والشيوعي والعمل وحركة كفاية إن "الاتحاد حشد
بقوة كل أعضائه للخروج في القاهرة والمحافظات، والمشاركة في جمعة غضب جديدة
تحاول الإبقاء على المطالب الرئيسية للثورة التي ضاعت وسط متاهات القرارات
المتفردة للمجلس العسكري".
وأضاف السكري لـ "العربية نت" أن أهم مطالب الاتحاد تشكيل مجلس رئاسي يضم
اثنين فقط من المجلس العسكري، على أن يكون باقي الأعضاء من المدنيين أيا
كان عددهم، وأن يتم اختيارهم بأي وسيلة ديمقراطية تضمن الموافقة الشعبية
عليهم، كأن يكونوا شخصيات مشهودا لها بالكفاءة والنزاهة والشرف، أو أن يخرج
الشعب كله في اقتراع لاختيار من يمثلهم في هذا المجلس.
والمطلب الثاني هو وضع دستور جديد للبلاد بالإضافة الى كافة مطالب الثورة
التي لم يتم تنفيذها حتى الآن، بل وتم الالتفاف عليها فمثلا شكلوا الأمن
الوطني بدلا من أمن الدولة.
واتهم السكري المجلس العسكري بالتفرد في القرارات ضاربا المثال بإصدار
قانون مباشرة الحقوق السياسية دون مشاركة أي من القوى السياسية في وضعه
قائلا "مصر حاليا تنهار والفساد ملأ أركانها في ظل غياب أمني، وجهازا
الشرطة والإعلام لم يطهرا من قياداتهما حتى الآن، والأخطر من ذلك أن
المجالس المحلية التي طالبنا بحلها كأحد أهم مطالب الثورة ما زالت متحكمة
في سير العمل في القرى والمراكز، ومازالت مسيطرة على المخابز ومستودعات
البوتاغاز والتموين، وكل شيء خاص باحتياجات الحياة اليومية للمواطنين،
وحكومة شرف لا ولن تفعل شيئا، لأن المجلس العسكري استحدث لنفسه سلطة مطلقة
دون أن يفوضه أحد.
واعتبر السكري أن "نسبة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة لا تعبر
عن رأي الشارع الحقيقي بعد أن حولتها التيارات الإسلامية إلى معركة هوية،
فانقلبت إلى مسلمين يقولون نعم، ومسيحيين يقولون لا، وتم تغييب العقول في
تعمد ففاز المسلمون بحكم قوتهم العددية".
وأكد السكري أن مظاهرة الجمعة دافعها الأساسي هو محاولة إنجاح الثورة التي
لم تنجح بعد إلا في القضاء على رأس النظام، ولكنها لم تسقط النظام أو تفعل
أي شيء ملموس للشعب، يشعر به أنه ثار وحصد نتيجة ثورته، فالناس لم تستفد
حتى الآن، ولا توجد أي بوادر حقيقية للإصلاح حتى هذه اللحظة.
واعتبر السكري أن حكومة شرف مجرد حكومة طبطبة،
معتبرا أن شرف رجل نزيه وشريف وكفء ولكن لا حول له ولا قوة.
وتوقع السكري أن يشهد يوم الجمعة مواجهات عنيفة ولكنه لم يعرف أطرافها،
مشيرا إلى أنه يتوقع رد فعل قوي من المجلس العسكري قد يصل إلى المحاكمات
العسكرية وأحكام مشددة ضد المتظاهرين.
وأبدى السكري قلقه من إعلان الإخوان عدم مشاركتهم في هذه المظاهرة، وقال
سوف نتأثر عدديا بشكل ملحوظ لأن الإخوان يمثلون قوة عددية لا تقل عن 40 %
من المتظاهرين، مفسرا سبب انسحاب الإخوان بأنهم حققوا كل ما كانوا يتمنونه
وأكثر، لدرجة أنهم أصبحوا الجهة الوحيدة الرابحة من هذه الثورة فخرجوا من
السجون إلى القصور.
وتابع أن ما يخيفنا فعلا هو عدم الاهتمام بمطالبنا وضرب عرض الحائط بها كالمعتاد.
من جهة أخرى أصدر ائتلاف شباب الثورة بيانا اليوم حصلت "العربية.نت" على
نسخة منه أعلنوا فيه مطالب جمعة الغضب الثانية، وهى تسريع وتيرة محاكمات
رموز النظام السابق والفاسدين، وعلنية محاكمات رموز النظام السابق، ووضع
قانون للفساد السياسي يسمح بمحاكمة أفراد الحزب الوطني ممن أفسدوا الحياه
السياسية، بالإضافة إلى إعادة النظر في حركة المحافظين، وإقالة رؤساء
الجامعات والوزراء غير الفاعلين بالحكومة، إلى جانب استعادة الأمن بالشارع
ووقف أعمال البلطجة، ووضع حد أقصى للأجور وتقليص المصروفات في الموازنة
العامة للدولة، و حل أزمة السولار وأنابيب الغاز و تنشيط الحياة الاقتصادية.
وقال المنسق العام للائتلاف الناشط خالد السيد إنهم وضعوا مسمى لمظاهرة يوم
الجمعة وهو "جمعة الفساد السياسي" والتي سوف تبدأ بصلاة الجمعة بميدان
التحرير، وتنتهي في السادسة مساء ولا نية للمبيت في الميدان.
من جانبه نفى مساعد رئيس حزب الحرية والعدالة الإخواني الدكتور عصام
العريان ما تردد بشأن اتخاذ الجماعة قرارا بعدم المشاركة في مظاهرة الجمعة
قائلا لـ "العربية.نت" إن الجماعة سوف تعلن قرارها غدا الأربعاء بعد اجتماع
أعضاء مكتب الإرشاد، لاتخاذ القرار المناسب المتسق مع سياسة الجماعة.
فيما قال القيادي الإخواني الدكتور جمال حشمت إن الدعوة لهذه المظاهرة جاءت
من خارج الجماعة، وبالتالي فإن مكتب الإرشاد في حاجة متأنية لاتخاذ القرار
المناسب، وهذا التروي يحسب له وليس ضده قائلا: الجماعة اعتادت على دراسة
الأمور ووزنها وتحديد الهدف من كل خطواتها، وخطوة مثل مظاهرة تحت مسمى
الثورة الثانية تحتاج إلى قرار مدروس من مكتب الإرشاد.