الحمد لله رب العالمين حمداً يوافى نعمه ويكافؤ مزيده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قديروأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله طهر الأرض من الشرك والأوثان وأحرج الناس من الظلمات إلى النور وكان رحمه للعالمين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الذين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفى أموالهم حقا للسائل والمحروم
يقول الله تعالى وهو أصدق القائلين :
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه "
هو سيدنا أبو عبد الله أمير المؤمنين وثال الخلفاء الراشدين ذو النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه
نسبه :
ينسب إلى أمية بن عبد شمس ( فيقال الأموى ) يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عبد مناف وهو أقربهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه وكرم وجهه
أمة :
آروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف وقد أسلمت
وأمها : البيضاء ( أم حكيم ) بنت عبد المطلب عمه النبى صلى الله عليه وسلم شقيقة أبى طالب
أسمه : لم يزل فى الجاهلية والإسلام عثمان ويكنى أبا عبد الله وأبا عمرو وأبا ليلى ويقال له ذو النورين ( لزواجه من أبنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم )
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم لقى عثمان بن عفان عند باب المسجد فقال " يا عثمان هذا جبريل يخبرنى أن الله عز وجل قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها "
وسئل سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه وكرم وجهه عن عثمان فقال : فذالك أمرؤ يدعى فى الملأ ذا النورين كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبنته ضمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتا فى الجنة ( أخرجه بن السمان )
صفته :
كان رجلا ربة ليس بالقصير ولا بالطويل حسن الوجه – مشرف الأنف من أجما الناس – رقيق البشرة – عظيم اللحية – أسمر اللون – كثير الشعر – ضخم الكراديس بعيد ما بين المنكبين – أصلع
إسلامه :
يخبرنا رضى الله عنه فقال " ذات يوم كنت جالساً بفناء الكعبة مع رهط من قريش ودار الحديث أ محمداً قد أنكح عتبة بن أبى لهب رقية أبنته وكانت ذات جمال رائع فقلت : فدخلتنى الحسرة لم لا اكون أنا سبقت إلى ذلك وذهبت إلى دارى فلقيتنى خالتى سعدى بنت كريز وقد تكهنت عند قومها فلما رأتنى قالت :
أبشر وحييت ثلاثا تترى ****** أتاك خير ووقيت شرا
أنكحت والله حصانا زهرا ***** وأنت بكر ولقيت بكرا
وافيتها بنت عظيم قدرا ****** بنت إمرءى قد أشاد ذكرا
فقلت : تعجبت من قولها فقلت : يا خالة ما تقولين ؟ فقالت : يا عثمان لك الجمال ولك اللسان هذا نبى معه الرهان أرسله بحقه الديان فإتبعه لا تغتالك الأوثان هذا محمد بن عبد الله رسول من عند الله جاء يدعو إلى الله مصباحه مصباح ودينه فلاح وأمره نجاح وقرنه نطاح دانت له البطاح
فذهبت إلى أبا بكر الصديق فجلست إليه وأخبرته بما قالت خالتى فقال لى أبا بكر صدقت خالتك هذا رسول الله محمد بن عبد الله بعثه الله تعالى برسالته إلى خلقه فهل لك أن تأتيه فتسمع منه قلت بلى فوالله ما كان أسرع من أن مر سول الله صلى الله عليه وسلم ومعه على بن أبى طالب فلما رآنى أقبل علىّ وقال يا عثمان أجب الله إلى جنته فإنى رسول الله إليك وإلى خلقه فقلت : فو الله ما تمالكت حين سمعت قوله أن أسلمت وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى هذا تقول خالتى سعدى بنت كريز :
هدى الله عثمانا بقولى إلى الهدى ****** وأرشده والله يهدى إلى الحق
فتابع بالرآى السديد محمداً ******* وكان برأى لا يصد عن الصدق
وأنكحه المبعوث بالحق نبيه ****** فكان كبدر مازج الشمس فى الأفق
فدى لك يا بن الهاشميين مهجتى ***** وأنت أمين الله أرسلت للخلق
وقد أسلمت أخته آمنة بنت عفان وكذلك إخوته لإمة ( الوليد وخالد وعماره ) أسلموا يوم الفتح وكذلك إخته لإمه ( أم كلثوم ) أول من هاجرت إلى الحبشة وأول قريشية بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها زيد بن حارثة ثم الزبير بن العوام .
هجرته :
هاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة مع زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة
خصائصه :
أخرج البغوى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : " دخلت على رقية بنت النبى صلى الله عليه وسلم وفى يدها مشط فقالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندى فقال : كيف تجدين أبا عبد الله قلت خير الرجال قال : " أكرميه فإنه من أشبه أصحابى بى خلقا
إستحياء الملائكة منه :
عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها قالت : جاء أبو بكر يستأذن ورسول الله مضجعاً كاشفاً ثوبه عن فخديه فأذن له ورسول الله على هيئته ثم جاء عمر يستأذن فأذن له ورسول الله على هيئته وجاء ناس من أصحابه فأذن لهم وجاء علىّ يستأذن فأذن له ورسول الله على هيئته ثم جاء عثمان فستأذن فتجلل ثوبه ( تغطى ) رسول الله ثم أذن له فتحدثوا ساعة ثم خرجوا فقلت يا رسول الله دخل عليك أبا بكر وعمر وعلىّ وناس من أصحابك وأنت على هيئتك لم تحرك فلما دخل عثمان تجللت بثوبك قال : الأ أستحى ممن تستحى منه الملائكة
تجهيز جيش العسرة :
أخرج الترمذى والأمام أحمد عن عبد الرحمن بن خباب قال : شهدت النبى صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة فقام عثمان بن عفان فقال : يا رسول الله علىّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله ثم حض على الجيش فقام عثمان فقال : له علىّ مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله ثم حض على الجيش فقام عثمان فقال : له علىّ ثلثمائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عن المنبر وهو يقول " ما على عثمان من عمل بهد هذا اليوم "
وعن قتادة قال : جهز عثمان جيش العسرة على آلف بعير وسبعين فرساً
وعن حذيفة بن اليمان قال : " بعث النبى صلى الله عليه وسلم إلى عثمان فى جيش العسرة فبعث إليه عثمان بعشرة الآف دينار فصبت بين يديه صلى الله عليه وسلم فجعل صلى الله عليه وسلم يقول ويقلبها بين يديه غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائن إلى يوم القيامة ما يبالى ما عمل بعدها " ( أخرجه الملا عمر فى سيرته والفضائلى )
شراءه بئر رومة :
كانت البئر ليهودى وكان يبيع الماء بمُد فقال صلى الله عليه وسلم له تبيعها بعين فى الجنة فقال اليهودى : ليس لى ولا لعيالى عين غيرها فبلغ ذلك عثمان بن عفان فشترى نصفها وجعل لليهودى يوماً ولو يوم فكان اليوم الذى هو اعثمان أستسقى المسلمون ما يكفيهم يومين فلما رأى اليهودى ذلك قال له : أفسدت علىّ ركيتى فإشتراها عثمان كلها وجعلها للمسلمين وأبح له مثلها فى الجنة
توسعته فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم :
أشترى أرضا وضمها لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للتوسعه
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم قوموا بنا نعد عثمان بن عفان قلنا عليل يا رسول الله قال : نعم فقام صلى الله عليه وسلم و إتبعناه حتى أتى منزل عثمان فإستأذن فأذن له فدخل ودخلنا فوجد عثمان مكبوباً على وجهه فقال صلى الله عليه وسلم : مالك يا عثمان لا ترفع رأسك فقال : يا رسول الله إنى أستحى ( يعنى من الله ) قال : ولم ذاك قال : أخاف أن يكون علىّ
فقال له صلى الله عليه وسلم : ألست حافر بئر رومة ومجهز جيش العسرة و الزائد فى مسجدى وباذل المال فى رضاء الله ورضائى ومن تستحى منه الملائكة هذا جبريل يخبرنى عن الله عز وجل أنك نور أهل السماء ومصباح أهل الأرض وأهل الجنة ( رواه الملا فى سيرته )
من كتاب الوحى :
أخرج الإمام أحمد والحاكم عن فاطمة بنت عبد الرحمن عن أمها أنه سألت السيدة عائشة عن عثمان بن عفان فإن الناس قد شتموه فقال : لعن الله من لعنه فو الله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان وإنى لأمسح العرق عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحى لينزل عليه وإنه ليقول : أكتب يا عثيم فو الله ما كان الله لينزل عبداً من نبيه تلك المنزلة إلا كان عليه كريماً
يرافق النبى صلى الله عليه وسلم فى الجنة :
قال صلى الله عليه و : " لكل نبى رفيق ورفيقى عثمان بن عفان "
فضائله :
من السابقين الأولين وصلى إلى القبلتين وهاجر الهجرتين وتزوج إبنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد من البدريين ومن أهل الجنة ومن أهل بيعة الرضوان ولم يشهدهما وتوفى عنه صلى الله عليه وسلم و هو عنه راضى ومن العشرة المبشرين بالجنة
فراسته :
دخل رجل عليه وقد نظر إمرأة أجنبية فلما نظر إليه قال : أيدخل علىّ أحدكم وفى عينيه أثر الزنا فقال الرجل : أوحى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا ولكن قول حق وفراسه صدق
عبادته :
كان يحيى الليل كله بركعة يجمع فيها القرآن وكان يصوم الدهر وكان يقول :
· إنى والله لرابع أربعة فى الإسلام
· أنكحنى رسول الله أبنته ثم توفيت فأنكحنى أبنته الأخرى
· ما زنيت ولا سرقت فى الجاهلية ولا فى الإسلام
· ولا مسست فرجى بيمينى منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
· وجمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
· ولا آتت جمعة إلا ولنا عتق رقبة منذ أسلمت وإن لم أجد فى تلك الجمعة فأجمعها فى الجمعة الثانية
تواضعه :
كان يلبس الثوب وقيمته أربعة دراهم وهو أمير المؤمنين
خوفه :
قال : لو أنى بين الجنة والنار لا أدرى إلى أيتهما يؤمر بى لإخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير
لما حبس فى داره :
أخرج الترمذى والإمام أحمد عن عثما بن عفان لما حبس فى داره قال : أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها غير بئر رومة فقال : من يشترى بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها فى الجنة فإشتريتها من صلب مالى فأنتم اليوم تمنعونى أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر فقالوا : اللهم نعم
قال : أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يشترى بقعه آل فلان فيزيدها فى المسجد بعد أن ضاق بأهله وله خير منها فى الجنة فإشتريتها من صلب مالى فأنتم اليوم تمنعونى أن أصلى فيها ركعتين قالوا : اللهم نعم
قال : أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن جهزت جيش العسرة من مالى قالوا : اللهم نعم
قال : أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل أحد ومعه أبا بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى سقطت حجارته قال : فركضه برجله وقال أسكن أحد فإن عليك نبياً وصديقاً وشهيدين قالوا اللهم نعم
قال : الله أكبر شهدوا ورب الكعبة أن شهيد " ثلاثاً "
كراماته :
عن أبى قلابة قال : كنت بالشام فسمعت رجلا يقول ياويلاه النار فقمت إليه وإذا رجل مقطوع اليدين والرجلين أعمى العينين منكباً على وجهه فسألته عن حاله فقال : أنى كنت ممن دخل على عثمان الدار فلما دنوت منه صرخت زوجته فلطمتها فقال : مالك قطع الله يديك ورجليك وأعمى عينيك وأدخلك النار فأخذتنى رعدة عظيمة وخرجت هارباً فأصابنى ما ترى ولم يبقى من دعائه إلا النار قال : فقلت له بعداً لك وسحقاً
قتله :
عن نائلة بنت الفراقصة إمراة عثمان بن عفان قالت : نعس أمير المؤمنين عثمان بن عفان فأغفى ( النوم الخفيف ) فإستيقظ فقال : ليقتلنى القوم قلت : كلا لم تبلغ ذلك إن رعيتك إستعتبوك ( طلبوا أن تراجعهم فى الأمر وترضيهم ) قال : إنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامى وأبا بكر وعمر فقالوا " تفطر عندنا الليلة "
وقتل رضى الله عنه مظلوماً يوم الجمعة 18 من ذى الحجة عام 35 هـ عن عمر يناهز 90 عاماً
قال صلى الله عليه وسلم : " لما عرج بى إلى السماء دخلت جنة عدن فوضع فى كفى تفاحة قال : فإنفلقت عن حوراء مرضية كأن أشفار عينيها مقاديم أجنحة النسور فقلت لمن أنت ؟ فقالت : أنا للخليفة المقتول من بعدك عثمان بن عفان
فرضى الله عن سيدنا عثمان بن عفان وأرضاه